لا تنغروا بالأسلوب الأحادي الجنس المزعوم وما يدعى بالسيولة الجندرية، فهناك حربٌ قائمة بين الجنسين في الأزياء.
تشهد الأزياء الرجالية نمواً متزايداً. وكالطفل الذي يسير على خطى شقيقته الكبيرة، فإنه ينمو بسرعة، بل أسرع حتى من الأزياء النسائية ذاتها. وقد وجد تقرير حديث أن النمو الحاصل في مبيعات الأزياء الرجالية يتخطى مبيعات الحواسيب، فيما أظهر تقرير آخر بأن الأزياء الرجالية قد نمت بشكل أسرع من الأزياء النسائية في 2014 – 4.5 بالمئة مقارنة بـ 3.7 بالمئة. لكن، وكأي شقيق صغير، فإن الأزياء الرجالية قد لا تستطيع اللحاق بتلك النسائية أبداً. فمع سوق تقدر قيمته بـ662 مليار دولار، يمثل المجال النسائي الحدث الرئيسي. أما سوق الرجال، المقدرة قيمته بـ440 مليار دولار، فإنه ما يزال النظير الأدنى في عالم الأزياء.
لكن، ومع كون صيحات الأزياء النسائية باتت تصبح مؤخراً أقل تأثيراً وهدفاً لدرجة أن بعض النقاد قد اعتبروا بأن الصيحة الجديدة هي لا-صيحة على الإطلاق، تشهد الأزياء الرجالية حالياً ازدهاراً إبداعياً. وكان المصممون الشبان الذي تمكنوا من إحداث الوقع الأكبر في الأزياء على مدى السنتين الأخيرتين جوناثان أندرسن وشين أوليفر وكريغ غرين قد بدؤوا جميعاً كمصممين للأزياء الرجالية. لم إذاً، سواء تاريخياً أم حاضراً، ينتهي الأمر بمصممي الأزياء الرجالية إلى التحول نحو تصميم الأزياء النسائية؟ بالتأكيد، يستمر معظمهم بتقديم خط للرجال، لكن لا مفر من حصول مجموعة الأزياء النسائية على حصة الأسد من اهتمام المصمم والإعلام معاً.
لقد بدأ أحد مؤسسي راغ آند بون ماركوس وينرايت بتصميم الأزياء ليرتديها بنفسه. وسرعان ما أرادت زوجته القليل من تصاميمه أيضاً. وقال المصمم: “إنك تدرك بسرعة بأن سوق الأزياء النسائية أكبر بكثير، وأسرع بكثير. إنه أشبه بنموذج مختلف تماماً فيما يخص الصيحات. يتراوح سوق الأزياء الرجالية على وجه الخصوص في إطار أسعار بيع مرتفعة للغاية، وهو ليس كبيراً بما يكفي لدعم علامة صاعدة أو دعم نفقات العروض، أو أي نوع من الترويج الذي ترغب القيام به، أو حتى النفقات العامة المترتبة على بناء شركة.”
إنها نفقات أخذت بالحسبان من قبل علامة أوفاديا آند سنز، علامة الأزياء الرجالية المرشحة لنيل جائزة صندوق دعم الأزياء من فوغ/مجلس مصممي الأزياء الأمريكيين، والتي تدار من قبل المصممين المنحدرين من بروكلين آريل وشمعون أوفاديا. وصرح المصممان عبر البريد الإلكتروني: “لقد سبق وأجرينا نقاشات حيال ابتكار أزياء نسائية في كثير من المرات. من المعروف بأن سوق الأزياء النسائية أكبر بكثير من سوق الرجال، لذا فهناك فرصة لأن يزدهر العمل بشكل أكبر وأسرع بكثير على ذلك المقلب. وتبدو هذه الفكرة كاستراتيجية نمو طبيعية، والجميع يرغب بقضم قطعة من تلك الكعكة، لكنها تترافق مع قدر كبير من المنافسة. لقد حصلنا على نصحية أناس في الصناعة أخبرونا بالتفكير بالأزياء النسائية، أو سألونا عن موعد إطلاقنا للتصاميم النسائية. هذا لا يحصل بين ليلة وضحاها. لا يمكننا الكشف عن الكثير حالياً، لكننا نعمل على مشروعٍ يتضمن تصميم الأزياء لكل من الرجال والنساء. إنها بداية، لذا فإننا سنقرر ما سيحصل بعد تلك الخطوة..”
وكان المصمم المرشح أيضاً عن الأزياء الرجالية، تيم كوبنز، قد عمد بالفعل إلى جعل بعض الطلات النسائية تتخلل مجموعته، لكنه كان حذراً في مقاربته. ويقول المصمم: “يمكن للأمر أن يجسد تحدياً حقيقياً إلى حد كبير، وخاصة بما أن الأزياء الرجالية باتت الآن تكتسب أهمية متزايدة تشهد ازدهاراً ونمواً. أعتقد أنه من المهم ألا تقوم بالكثير من الأشياء في الوقت الواحد. لكن في الحقيقة تشكل الأزياء النسائية جزء أكبر من السوق. لذا فهناك عنصر تجاري هام ومثير للاهتمام للغاية.”
وقد جرى تلقف مصمم الأزياء البريطاني الشاب كريغ غرين كمنقذ للأزياء الرجالية، لكن لا تتعلقوا به كثيراً. فابتكاراته التي يصعب تحديد ملامحها تماماً قد تم تطويعها من قبل نساء أنيقات من أمثال سوزي لو وإف كي آ تويغز، وبوصفه مرشحاً محتملاً لنيل جائزة إل في إم إتش المقدرة بـ300,000 يورو، صرح غرين في مقابلة مع ستايل.كوم بأنه يأمل “الغوص في مجال الأزياء النسائية في غضون عام أو ما شابه.” إنه يمتلك مستقبلاً مشرقاً للغاية بانتظاره، ومن المستبعد أن يتم تذكر غرين كمصمم أزياء رجالية وحسب.
أما ماكسويل أوزبورن و داو-يي شاو من ببليك سكول، وعضوي نخبة أزياء نيويورك الذين قد نالا إعجاب كل من المشاهير والمحررين أصحاب التأثير على حد سواء، فقد احتفلا بربح جائزة صندوق دعم الأزياء من فوغ/مجلس مصممي الأزياء الأمريكيين المقدرة بـ300,000 دولار أمريكي في عام 2013 عبر إطلاق مجموعتهما من الأزياء النسائية عام 2014. والآن باتت آنا وينتور تجلس على مقاعد الصف الأول لديهم في حين أن 23 من أصل 43 طلة لموسم خريف 2015 قد أتت مصممة للنساء.
إن جوناثان أندرسن، هو الآخر، “مصمم الأزياء الأكثر تأثيراً في يومنا هذا”، قد بدأ بتصميم الأزياء الرجالية. وبعد عامين من إطلاقه لمجموعته التي تحمل اسمه، في 2010، قام بأول خطواته في مجال الأزياء النسائية. وكان تيم بلانكس قد كتب عن مجموعة خريف 2011 من جي.دبليو. أندرسن: “من الممكن أنه قد تعب من الناصحين ذوي النية الحسنة الذين يخبرونه باستمرار أن من الأفضل له تصميم الأزياء النسائية. والواقع هو: كانت تصاميمه الصبيانية-البناتية أكثر إثارة للاهتمام ببساطة من تصاميمه البناتية-الصبيانية.”
يسير العديد من المصممين الصاعدين وحسب على خطى عرابيهم في مجال تصميم الأزياء الرجالية.
فكان هادي سليمان قد أثبت نفسه على الساحة بوصفه عرّاف الأزياء الرجالية لدى ديور أوم. وخلال خمس سنوات من ترأسه للعلامة، قام المصمم بـ “ابتكار إحدى الأبجديات الأكثر تأثيراً وتميزاً في مجال الأزياء الرجالية.” كما كتب بلانكس في مراجعة لمجموعته في ربيع 2007. ولم يقم سليمان بتصميم خط للنساء إلا لدى تسلمه عرش سان لوران في 2012. ومنذ ذلك الحين، شهدت الدار تضاعف الأرباح، وما زال رصيد سيلمان كمصمم في ازدهار مستمر.
أما راف سايمونز فقد قضى 10 أعوام في صناعة الأزياء الرجالية تحت مظلة علامته التي تحمل اسمه قبل أن يقوم بتصميم أول مجموعاته النسائية لجيل ساندر عام 2005. وهو الآن يقوم بتصميم كل ما يتعلق بالنساء بوصفه المصمم الفني لدى ديور. حاولوا مشاهدة ديور آند آي من دون أن تتلألأ عيونكم بالدموع وأخبروني أن الرجل لم يوجد على هذه الأرض ليكون مصمم أزياء. إن مجموعات أزياءه الرجالية أسطورية بالفعل، لكن يبدو بأن مواهبه كانت لتذهب سدى لو أنه لم يختر توسيع أفق عمله.
“تترجم بعضاً من ملامح التصميم الجمالية هذه بشكل أفضل في الأزياء النسائية”
إن أي مصمم صاعد للأزياء الرجالية يعمل اليوم سواء أحببتم هذا أم لا، يعمل في ظل كل من هادي وراف. ومن عساه لا يرغب بالسير على خطاهما؟ إن الانطلاق كما فعلو من ابتكار الأزياء الرجالية، دون أن التأثر أو الخضوع بفعل ضغوط السوق الهائل، قد تكون طريقة جيدة للانطلاق في هذا المجال. وربما تكون قلة عدد المصممين الناجحين المختصين بالأزياء الرجالية هي السبب في تمكن هؤلاء المبدعين البعيدين عن ضغوط السوق من الازدهار. لكن عاجلاً أم آجلاً، ستسنح الفرصة للمصممين الواعدين لتوسيع أفق عملهم، بفضل جوائز بالغة الأهمية في مجال الأزياء مثل جوائز إل في إم إتش، وكذلك تشجيع المحررين ووكلاء الشراء المؤثرين. فالأزياء الرجالية لا تستطيع الإبقاء على المواهب التي ترعاها لنفسها وحسب.
ويصرح وينرايت: “إنني أدرك عن تجربة شخصية، بأنك إن عرضت الأزياء الرجالية المستندة إلى الموضة للغاية بشكل عام، سيكون هناك عدد محدود من الشبان الذين سيرغبون باقتنائها بالفعل. ولهذا أنت بحاجة إما أن تبتكر خطاً للنساء أو خطاً ضمن خطك الأصلي، أو ربما نوع معين من المنتجات ضمن خطك تستطيع نيل إعجاب الكثير من الأشخاص. تجسد الأزياء النسائية سوقاً أكبر بكثير؛ وهو أسرع بكثير. تترجم بعض ملامح التصميم الجمالية هذه بشكل أفضل ضمن الملابس النسائية.”وبالنسبة للمصممين الذين باتوا على أهبة الاستعداد للقيام بالقفزة النوعية، يقول وينرايت، بأن الأمر ليس على تلك الدرجة من الصعوبة. ويتابع المصمم: “إنكم تمتلكون بالأصل علاقاتكم وارتباطاتكم مع المتاجر، وعلى الأغلب أن لديكم متتبعين على وسائل التواصل الاجتماعية، ولديكم منصات البيع الإلكترونية، أنتم تدركون بأنكم تملكون كل شيء. ما عليكم سوى ابتكار شكلاً نسائياً وملامح جمالية نسائية. إنها خطوة متوفعة نسبياً.”
كانييه بالتأكيد ليس الشاب الوحيد الذي فكر بارتداء أزياء سيلين
وفي النهاية، بالطبع، إن من التحجر بالنسبة للشباب أن يضنوا على علامة ما فرصة النمو والتوسع فقط لأننا نرغب بإبقاء أزيائها مقتصرة علينا فقط. ولعل أفضل ما يمكننا طلبه هو أن يولوا قدراً متساو من الاهتمام لكلا الصنفين، فقد أثبت مصممون من أمثال ريكاردو تيشي من جيفنشي ورالف لورين وريك أوينز أن بإمكانهما ابتكار ذات القدر من التشويق حول خط أزيائهم الرجالية كما مع أزيائهم النسائية. (الفيديو الذي قامت به راغ آند بون مع ميخائيل باريشنيكوف وليل باك للترويج لمجموعتها من الأزياء الرجالية لخريف 2015 هو مثال جليّ على هذا.) بالإضافة إلى وجود طريقة أخرى للنظر إلى الموضوع: إن كان هذا الازدهار هو أعلى ما ستصل إليه الأزياء الرجالية، فمن الممكن للطريق الواصل بين الأزياء الرجالية والنسائية أن يصبح ذو اتجاهين بالنسبة للمصممين. وهناك قليل من العلامات النسائية التصاميم وحسب التي أرغب برؤيتها تقدم أزياء رجالية، فكانييه بالتأكيد ليس الشاب الوحيد الذي فكر بارتداء أزياء سيلين. وكان ديمنا غافازاليا، رئيس التصميم لدى فيتمنتس، علامة الأزياء النسائية الأكثر إحداثاً للوقع في 2015، قد صرح لستايل.كوم بأنه قد يفكر بخط للرجال إن نالت فيتمنتس جائزة إل في إم إتس لهذا العام. ستكون بالتأكيد خطوة بالاتجاه الصحيح.
_نوح جونسون، ستايل.كوم