بين متاجر العلامات في فيفث أفينيو والتعاونات القائمة مع المصممين، وما يبدو أشبه بدفعات جديدة من الملابس كل أسبوع، يكاد يصعب تذكر الوقت الذي كان فيه الأمريكيون يشترون الأزياء الرخيصة الثمن قبل ثورة الأزياء السريعة. وقد سبق وأثيرت النقاشات والتقارير حول الوجه المظلم والغير مستدام للأزياء السريعة، وركز مصممون من أمثال ستيلا مكارتني وسونو لوقت طويل على الآثار البيئية للإنتاج، لكن لم يسبق لأي شيء أن رصد الأهمية والضرورة الملحة للاستدامة في الأزياء مثل ما فعل الفيلم الوثائقي الجديد التكلفة الحقيقية- The True Cost.
يستمد الفيلم قوته من الاستناد إلى الوقائع والأرقام الميدانية. فبضم القطاعات اللصيقة بالزراعة والتصنيع، إن 1 من كل 6 أشخاص على الأرض مطلع بطريقة ما على صناعة الأزياء العالمية. وفي أواسط فترة الستينيات من القرن الماضي، كانت ما نسبته 95 بالمئة من الأزياء الأمريكية تصنع محلياً؛ أما اليوم، فتبلغ نسبة الأزياء المصنعة بالخارج 97 بالمئة. هناك ثمانون مليون قطعة ملابس تباع سنوياً. بالإضافة إلى رقم مقلق بشكل خاص، وهو أن الأزياء قطاع تقدر قيمته بـ2.5 تريليون دولار أمريكي وهو ثاني أكبر صناعة مسببة للتلوث على وجه الأرض، مباشرة بعد إنتاج النفط.
وخلال عرض خاص للفيلم جرى ليلة أمس في لينكولن سنتر، ناقشت المنتجة المنفذة ليفيا فيرث معنا ما دفعها لاعتناق القضية: “لقد جرى إقناعنا بهذه الأسطورة القائلة أن شراءنا لفستان بسعر أقل من 10 دولار أمريكي هو أمر ديمقراطي، لكن ديمقراطي بالنسبة لمن؟ لقد بتنا نتخلص من الأزياء بشكل أسرع وأسرع، وبهذه الطريقة بات الزبون أفقر وأفقر. إن اثنين من أغنى 10 رجال في العالم هم مالكي زارا وإتش آند إم. وأعتقد بأن هذا يفصح عن الكثير حول الطريقة التي يقومون بها بجني المال.”
ويأتي الفيلم بمثابة نظرة خاطفة مؤلمة على واقع عمال المصانع، وخاصة في بنغلادش وكمبوديا. لكن علواً على هذا، يجسد الفيلم أيضاً نظرة على الآثار الصحية الطويلة الأمد لاستعمال المضادات الحشرية، والآثار السياسية لاستغلال حقوق العمال، والآثار الاقتصادية للاستهلاكية الغير-مضبوطة. وتابعت فيرث: “حتى إن نظرتم إلى الأزياء السريعة فقط باعتبارها تجارة، ستجدون أن نموذج التجارة هذا محدود. تستنزف الأزياء السريعة موارد الأرض وتعتمد عبودية العمال في جميع أنحاء العالم. وفي نهاية المطاف سوف تنفذ هذه الموارد، وسوف يتقلص هامش الربح وستحصل ثورات في الشوارع. فإن كنتم رجال أعمال أذكياء، عليكم معالجة هذه القضايا اليوم.”
وكونوا على ثقة: إن التكلفة الحقيقة اليوم بالنسبة لصناعة الأزياء هي تماماً ما كانت عليه الأدغالThe Jungle بالنسبة لحركة العمال الأمريكية قبل قرن من الزمن. وصرح المخرج أندرو مورغان لنا: “ليس المقصود من الفيلم بث الرعب في أنفسكم أو جعلكم تشعرون بالذنب حيال ما تقومون بارتدائه. بل يفترض منه طرح الفكرة البسيطة التالية: هناك أناس يصنعون لكم ما تقومون بارتدائه.”
التكلفة الحقيقة- The True Costيتوفر حالياً على آي تونز وآمازون ويعرض في عدد من المدن المختارة.
_تود بلومر، ستايل.كوم