Follow Vogue Man Arabia

مشروع ليلى وممثلو الموسيقى العربية البديلة

مشروع ليلى

’’أعتقد أننا تغيّرنا كثيراً، ليس فقط بسبب الموسيقى والنجاح الذي حققناه، ولكن أيضاً بسبب عديد من الأمور الأخرى‘‘، هذا ما قاله حامد سنُّو، المغني الرئيسي صاحب الكاريزما القوية في فرقة مشروع ليلى اللبنانية، والذي أكمل موضحاً: ’’ومن ذلك: التقدّم في العمر، واكتساب الخبرات، ومرور الوقت، والسفر، وغيرها من الأمور التي تغيِّر الجميع‘‘.

وتمثِّل فرقة ’مشروع ليلى‘ موسيقى الروك العربية البديلة، ذاك النوع الفريد من الفرق التي يؤمن جميع معجبيها بوجود علاقة شخصية حميمة تربطهم بها، ولعلَّ السبب في ذلك يُعزى إلى ألحانها وكلمات أغانيها وكامل التجربة الموسيقية التي تقدمها، إلا أن مقداراً كبيراً من الفضل في ذلك يعود إلى سنُّو وتفاعله على خشبة المسرح مع عازف الكمان هايك بابازيان. فمعاً، يشكلان أساسَ أي حفلة تؤديها الفرقة، حيث يتبختران على الخشبة ويشعّان بطاقة كبيرة ويثيران عواطف جمَّة.

وبعد سنواتٍ طويلة من العزف المتواصل، وجدت الفرقة نفسها في طليعة موجة من الاهتمام المتزايد بالروك البديل في الشرق الأوسط. وتقوم الفرقة بجولاتٍ على نطاقٍ واسع، وقد لاقت نجاحاً كبيراً في مركز باربيكان للفنون التعبيرية في العاصمة البريطانية لندن، فضلاً عن الجولة التي قامت بها خلال أكتوبر الماضي. وهذه ليست بالإنجازات القليلة بالنسبة لفرقة موسيقية تأسَّست عام 2008 في الجامعة الأمريكية ببيروت.

يقول سنّو: ’’لقد أصبحنا أقوى بكثير بكلِّ تأكيد‘‘، ويضيف: ’’عندما يفكر الناس في الشهرة بطريقةٍ رومانسية، فإنهم يميلون إلى نسيان حقيقة أن الأمر في معظم الأوقات يبدو وكأنك تتعرض دوماً للهجوم والانتقاد. وهذا ما يساعدك حقاً على بناء شخصية أقوى لا تتأثر بكلام الآخرين‘‘.

تامر حسني نجم موسيقى البوب المصري الشهير يبدأ رحلته نحو العالمية

واستطرد: ’’كما أننا أصبحنا أكثر صبراً بدرجة كبيرة. فالناس يأتون إلينا أحياناً بكثير من الأمور التي تبدو غير منطقية بالمرة، ولكن مع الوقت نتعلم كيف نستمع إليها دون أن نأخذها على محمل الجد ونمضي قدماً. فمثلاً، في أحيان كثيرة يبدو غريباً للغاية كيف أن الناس يتحدثون إلينا كما لو كنا أطرافاً سياسية ولسنا فنانين، أو يخبروننا بأمور شخصية تخصُّ حياتهم كما لو كنا أصدقاء منذ سنوات، وفي واقع الأمر لم يمض على تعارفنا سوى دقائق معدودة‘‘.

وهم ليسوا الفرقة الوحيدة المتخصصة في هذا النوع من الموسيقى، فهناك الفرقة الفلسطينية ’السبعة وأربعين سول‘ التي تمثّل ’’صوت دبكة المستقبل‘‘، وكذلك مجموعة الروك المصرية ’كايروكي‘ التي تستقي إلهامها من المشهد السياسي في البلاد، فضلاً عن المغنية وكاتبة الأغاني التونسية آمال المثلوثي، والفرقتين الموسيقيتين الأردنيتين: ’المربع 3‘ و’أوتوستراد‘. وجميعها، كلٌ بطريقتها الخاصة، تشكل مزيجاً مؤثراً من المواقف والمشاهد والغنائيات الاجتماعية والسياسية.

فرقة المربع 3 الموسيقية

يوضح أنطوني خوري، وهو المغني الرئيسي في فرقة أدونيس التي تتخذ من بيروت مقرَّاً لها، والتي أطلقت مؤخراً ألبومها الموسيقي الثالث الذي يحمل العنوان ’نور‘ قائلاً: ’’لقد ساهم عقدٌ من الصراعات والثورات والاضطرابات في المنطقة وكذلك تنامي رُهاب الإسلام (إسلاموفوبيا) حول العالم -سواء كان إيجابياً أم سلبياً- في حدوث تحول في الثقافة العربية بما في ذلك الموسيقى‘‘، ويضيف: ’’خصوصاً فنانو الروك البديل وفرقه، والذين يعالجون على الملأ قضايا اجتماعية وسياسية و[يجلبونها] إلى الساحة العالمية‘‘.

وإلى حدٍّ ما، يشكِّل نجاحهم أيضاً ردة فعلٍ على ما وصفته المغنية ياسمين حمدان مرةً على أنه فن البوب العربي الهابط، أو موسيقى غير صحية تلوِّث الهواء مع تراكيب مبتذلة مكرَّرة عن الحب والأسى.

وبسبب هذا التلوث إلى جانب عوامل أخرى، يؤمن خوري أنَّ الموسيقى في العالم العربي تحتاج إلى إعادة إحياء وتجديد، ولهذا السبب أيضاً وجدت فرق الروك البديل جمهوراً واسعاً لها.

يقول خوري: ’’لا نظير للغة العربية في ثرائها ومرحها، إلا أنَّ أغاني البوب المحلية تكرر منذ عقود من الزمن مجموعةً محدودة من الكلمات والأفكار والتراكيب، ما ساهم بشدة في جعل العربية لغةً مسطَّحة‘‘، ويردف: ’’بالنسبة لنا، إعادة إحياء الموسيقى العربية تبدأ أولاً بإعادة اكتشاف اللغة العربية والإمكانات التي تقدمها‘‘.

ومع ذلك، يبقى مشهد الموسيقى المستقلة مكاناً محفوفاً بالتحديات، حيث توجب على فرق ’مشروع ليلى‘، و’السبعة وأربعين سول‘، و’المربع 3‘ جميعاً أن تجمع الأموال من معجبيها لتمويل ألبوماتها الموسيقية.

يقول فراس أبو فخر عازف الغيتار في فرقة ’مشروع ليلى‘ مُقرَّاً: ’’كل ما لا يتوافق مع قوالب صناعة البوب القائمة يصعب جداً أن يشق طريقه إلى المشترين في بيروت‘‘، ويضيف: ’’في البداية كان علينا أن نؤسِّس حتى أبسط أساسيات شبكات الاتصال وأن نبحر في عالمٍ لا يتوفر لنا فيه أي بنى تحتية ملموسة. إلا أنَّ ذلك يضيف عنصراً هاماً، وهو القدرة على لقاء أناس لديهم الشغف ذاته على الإصرار وإيجاد بعضهم البعض عبر مجالات الموسيقى والأفلام والتصميم والفنون والتصوير‘‘.

وأكمل: ’’بناء على ذلك، فإنَّ أحد أكثر الأمور إثارةً في المشهد الموسيقي هو أن معظمنا ينتهي به المطاف بإيجاد طرق بديلة لنولّد إبداعاتنا، سواءٌ عبر مساحات التسجيل أو العروض الموسيقية أو أدوات الإدارة. ولكن قلة منا فقط حاولوا توليد منصات بديلة من شأنها أن تجعل الأمور أسهل بالنسبة لمن يأتي بعدنا. وبهذا المعنى، فإنَّ كثيراً من الطرق التي تحدَّى بها المشهدُ الموسيقي الاتجاهَ العام تمثّلت في أن تخدم الفرقة نفسها بنفسها أو تكون عابرة وسريعة الزوال. (وهذا ليس بالضرورة أمراً سلبياً)‘‘.

وترفض فرقة ’مشروع ليلى‘ التصنيفات البسيطة، فقد كانت تندرج سابقاً ضمن فئة الموسيقى الشعبية المستقلة -أو الروك الشعبي- على الرغم من أن تصنيفات كتلك قد أثرت سلباً على الفرقة، فالفرقة جمعت عناصر من الموسيقى الفلكلورية العربية والأرمينية والشرق أوروبية مع عديد من الأنواع الموسيقية الفرعية للروك وموسيقى الإلكترو، ولكنها اتجهت نحو البوب والسِنثسَيزر في ألبومها الأحدث الذي حمل العنوان: ’’ابن الليل‘‘.

ومن الغريب أن المجموعة لم توقع إلى الآن عقوداً مع شركات تسجيل، ويعود السبب الأهم في ذلك إلى أن شركات تسجيل الأغاني في المنطقة تتوقع طابعاً محافظاً في المؤلفات والأغاني والمشاركة المجتمعية بما يتجاوز بشدة ما يمكن أن تتقبله فرقة ’مشروع ليلى‘، فعلى الأقل الفرقة تتحدث علناً عن القضايا الاجتماعية والسياسية، وترفض أن تنأى بنفسها عن المواجهة خاصةً فيما يتعلق بقضية المساواة بين الجنسين.

وفي يوليو الماضي أطلقت الفرقة فيديو موسيقياً لأغنيتها المنفردة رومان، من إخراج جيسي مُسلَّم، نُظِر إليه باعتباره أنشودةً مناصرةً للنسوية وكذلك نقداً للأوساط السياسية الحالية.

يقول سنُّو عن أغنية رومان: ’’من الصعب حقاً رؤية كيف يمكن أن تبدأ حالة عدم المساواة الاجتماعية والسياسية في الشرق الأوسط بالاضمحلال قبل معالجة قضية مساواة المرأة والعدالة بين الجنسين‘‘، ويضيف: ’’بعد قولي هذا، فإنَّ الفيديو فتح لنا كثيراً من النقاشات المثيرة للاهتمام في حياتنا الشخصية حول محاولة التمييز بين الإيمان والدين من ناحية، ومن ناحية أخرى المؤسسات التي تدعيه في منطقةٍ صعَّبت فيها هيمنة المؤسسات الدينية الأمورَ على كثيرين‘‘.

هل يعتقدون بأنهم قد تركوا تأثيراً على المستويين السياسي والاجتماعي؟

’’ربما‘‘، يجيب سنُّو ويضيف: ’’نشعر أحياناً أن التنوع في جمهورنا في الداخل والخارج له دلالته المعبِّرة القوية. من الجميل حقاً رؤية ذلك على خشبة المسرح… وعدا عن ذلك، ليست واضحة لنا بعد الحدود الفعلية لتأثير الموسيقى ووسائل الإعلام عبر التمثيل. لقد كنا بالتأكيد في قلب العديد من الجدالات، ولكن من الصعب تقييم ما يحققه ذلك على أرض الواقع‘‘.

أربعة تسجيلات لتقوم بشرائها/تنزيلها الآن

مشروع ليلى – ’’ابن الليل‘‘

47 سول – ’’شام ستيب‘‘

ياسمين حمدان – ’’الجميلات‘‘

فرنش مونتانا – ’’جنغل رولز‘‘

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع