كريم بنزيما يرتدي كنزةً وينتعل حذاءً من ديور أوم؛ وبنطلوناً من كارولينا هيريرا. بعدسة: غوركا بوستيغو
كان أعضاء فريق إنتاج ڤوغ العربية للرجل يجلسون في المطعم الإسباني العتيق ’بيّا روسا‘ بوسط مدينة مدريد، وعلى مقربة منهم انشغلت راقصات الفلامنكو بالتمرن على الحركات التي سيؤدينها خلال جلسة التصوير، والتي تجاوزت الآن الوقت المحدد لها وفق الجدول الزمني بنحو ساعتين. وفجأة، يدلف نجم الغلاف كريم بنزيما من الباب، ويعتذر بأسلوب ساحر موضحاً أن تدريباته في نادي ريال مدريد –الذي تستغرق المسافة إليه 40 دقيقة- تجاوزت هي الأخرى زمنها المحدد. ولم يعد أمام الفريق الآن سوى ثلاث ساعات لتصوير كامل صور موضوع الغلاف – ولحسن الحظ، يتمتع بنزيما بقدرة على التوهج رغماً عن أي ضغوط.
ولم يجد أعضاء فريق العناية الشخصية ما يمكنهم فعله مع هذا النجم ذي الشعر القصير والذقن المشذب بعناية. أما فريق تنسيق الأزياء فقد يسَّر لهم اللاعبُ، صاحب الجسم الرياضي والطول الفارع البالغ 185 سنتيمتراً، مهمتَهم بتعاونه الكبير معهم، وتقبّله الظهور بالإطلالات الجريئة لموسم خريف وشتاء 2019. يقول النجم، الذي يرتدي ملابس جلدية تزيّنها الطبعات الحيوانية من رأسه حتى قدميه، فيما يضحك أثناء وقوفه بين الراقصات لالتقاط الصور: “أشعرُ بأن الموضة وسيلة للتعبير عن نفسي”.
كريم بنزيما يرتدي كنزة من سالڤاتوري ڤيراغامو. بعدسة: غوركا بوستيغو
وكان جديراً بكريم بنزيما، وقد بلغ الـ31 من عمره، أن يكون الآن على مشارف توديع مسيرته الكروية الناجحة – إذ يبلغ متوسط سن اعتزال لاعبي كرة القدم 35 عاماً. بيد أن رحيل زميله كريستيانو رونالدو عن ريال مدريد، الذي انضم لنادي يوفنتوس، سمح لبنزيما بالاشتراك لمدة أطول في المباريات، وقد كافأ لاعبُنا مدربَ فريقه، زين الدين زيدان، على صنيعه هذا بتسجيل خمسة أهداف في ست مباريات (حتى كتابة هذه السطور). ولا يزال هذا اللاعب، بلا جدال، يتربع على عرش اللعبة.
ومؤخراً، أصبح بنزيما، الذي فاز بعدد لا يُحصى من الجوائز، سابع لاعب يسجل 200 هدف لصالح ريال مدريد، كما احتل المركزَ العاشر في قائمة أفضل هدافي المنتخب الفرنسي، ورابع أفضل هداف في تاريخ دوري الأبطال الأوروبي بعد تسجيله 60 هدفاً. ومع هذه الإنجازات العديدة ومركزه كنجم خط الهجوم في أحد أفضل أندية كرة القدم في العالم، يمكن أن نغفر له اندفاعاته الطائشة، وهي السمة التي يشتهر بها عادةً لاعبو الكرة، إلا أنه جمّ التواضع، وقد تخلّص من حماقات الماضي وألقاها خلف ظهره.
وكثيراً ما يتورط الرياضيون في الفضائح، فاجتماع المال الوفير مع عنفوان الشباب وإعجاب الملايين قد يقودهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة. وحينئذ تشق عناوين أخبارهم طريقها من الصفحات الخلفية لتتصدر الصفحات الأولى. إلا أن شخصية كل لاعب هي التي تحدد تبعات هذه القرارات، وترسم معالمها ما تعلموه ومقدار نضجهم. ولا شك أن بنزيما، وهو أب لطفلين –ميلييا التي بلغت خمس سنوات، وإبراهيم البالغ عامين– صار أكثر نضجاً.
كريم بنزيما يرتدي معطفاً من سالڤاتوري ڤيراغامو؛ وبنطلوناً من سان لوران؛ وينتعل حذاء طويل الساق من ألكسندر مكوين. بعدسة: غوركا بوستيغو
ويؤكد اللاعب، المولود في مدينة ليون لأبوين فرنسيين من أصول جزائرية، أن عائلته ودينه الإسلامي هما ما يجعلانه قوياً في مواجهة الشدائد. يقول: “عائلتي تلهمني. والقيم والأخلاق التي علمها لي والداي ساعدتني على أن أظل كما أنا دون تغيير. كما أن إيماني يساعدني يومياً على التركيز، ويحقق لي فوائد جمة، ويمثل قوة دافعة لي ولعائلتي، وأيضاً لعملي – بل ولكل شيء بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى”.
ولدى بنزيما ثلاثة أشقاء، اثنان منهم يلعبان كرة القدم أيضاً، وهما: غريسي الذي يلعب في دوري الدرجة السادسة بنادي ڤول أون ڤيلين، وصبري الذي يلعب في أكاديمية الشباب في برون. ويكشف بنزيما أن المهاجم البرازيلي رونالدو لويس نازاريو دي ليما من بين عظماء كرة القدم المعاصرين الذين ألهموه اقتحام هذه اللعبة، ويصفه قائلاً: “إنه يتمتع بجميع الصفات التي يحلم بها أي لاعب. وقد ألهمني أن أتحدى نفسي”.
كريم بنزيما يرتدي تيشيرت من أبانديرادو؛ وكنزة من سان لوران؛ وبنطلون جينز من ليڤايس. بعدسة: غوركا بوستيغو
ويذكر بنزيما أول مرة لعب فيها الكرة حين كان طفلاً نشيطاً في الرابعة من عمره. وكانت مطاردته لها وركلها بأقصى ما يستطيع تمنحه “إحساساً بالسعادة والإثارة”. وحين بلغ الـ15 من عمره، أدرك أن بإمكانه تحويل هذه الهواية إلى مهنة مربحة. وسرعان ما وقع عقداً مع نادي أولمبيك ليون في موسم 2004-2005. ورغم أنه لعب في الفريق الاحتياطي، إلا أنه تمكن من تحقيق مركز متقدم بتسجيل 10 أهداف، ما جعل ناديه يحتل المركز الثاني في مجموعته. وقد منحت الساحرةُ المستديرة هذا النجمَ -الذي يطلق عليه زملاؤه اسم كوكو (“ليس له أي معنى في الواقع”)- ملاذاً يلجأ إليه. ويوضح قائلاً: “أعتقد أن كرة القدم أنقذتني. وساعدتني على الوصول للصفاء الذهني والتصالح مع نفسي. وساعدتني أيضاً على تحقيق أهدافي، وأكسبتني حافزاً كبيراً للنجاح. كما ساعدتني على أن أدرك أن عليّ العمل بكل جد وإخلاص وبذل المزيد من الجهد دائماً في التدريب والحفاظ على الانضباط. وعلمتني أيضاً معنى التضحية والإيثار”.
وبالطبع، أتى هذا الجهد الشاق أُكله، فانتقل اللاعب إلى صفوف ريال مدريد مقابل 35 مليون يورو (تصل إلى 41 مليون مع الحوافز) في يوليو 2009. ولم يكن عمره يتعدى حينها 22 عاماً. ويتحدث عن ما حققه فجأة من نجاح وشهرة قائلاً: “حدث كل شيء سريعاً. ولم أدرك مدى هذا التغيير حقاً. وغالباً ما يحدث ذلك في الطريقة التي ينظر بها الناس إليك وأسلوب معاملتهم لك. وأعتقد أن شخصيتي لم تتغيّر على الإطلاق – فأنا لا زلت كما أنا، سواء في لعبي أم حياتي الشخصية”. ويستطرد قائلاً: “أنا شخصية مشهورة ولكني إنسان مثلك ومثل الجميع. وإذا كنت تواصل اهتمامك بالأمور المهمة، فليس هناك أي سبب يدعوك للظن بأنك أكثر تميزاً عن الآخرين”.
كريم بنزيما يرتدي كنزة من برادا، وقد تولّى مهمةَ العناية بمظهره الشخصي خوسيه كارلوس غونثالث، باستعمال منتجات ديور، من صالون 44. بعدسة: غوركا بوستيغو
وقد ساعده دوره كأب في تشكيل نظرته للحياة، فهو في النهاية رياضي ناجح، وقد يقوده ذلك إلى التعرض لإغراءات قد تتعارض مع الأخلاق. يقول بفخر: “طفلاي هما أكبر مصدر لسعادتي. وعندما أراهما معجبين بوالدهما وفخورين به، لا أفكر أبداً في أن أسبب لهما الإحباط. فأنا أريد أن أكون أهم إنسان في حياتهما”.
كريم بنزيما يرتدي معطفاً وكنزة من ألكسندر مكوين؛ وبنطلوناً وحذاءً طويل الساق من سان لوران. بعدسة: غوركا بوستيغو
ويعتمد بنزيما في تربيتهما على نفس المبادئ التي نشأ عليها، حيث يشكل الدين عماداً لها. يقول: “دائماً ما أسيرُ على هدى ديني وقيمي”. ويؤكد على أنه يرغب في أن ينشأ طفلاه على دراية بتراثهما قائلاً: “يهمني ألّا أنسى من أين أتيت، لأن أبسط الأمور في الحياة هي أهمها على الإطلاق. والأساس المتين لأي بناء يساعد في ثباته. لذا أود أن أغرس هذا التراث في طفليّ. وآمل أن يكون دائماً جزءاً منهما وأن يكون بوسعهما، إذا ما وقعا فريسة للشكوك، أن يلوذا بقيمهما وإيمانهما”.
كريم بنزيما يرتدي كنزة من سالڤاتوري فيراغامو. بعدسة: غوركا بوستيغو
ويرى بنزيما أن حياته بعد انتهاء مسيرته الكروية ستتيح له قضاء مزيد من الوقت مع طفليه وعائلته، إلا أن عشقه لاقتناء الساعات قد يمنحه الفرصة لتحويلها من هواية إلى مهنة. وعن ذلك يقول: “أنا عاشق للساعات. وقد صارت شغفاً لي. ولقد تعلمت الكثير عنها في السنوات الماضية. وأعتبر نفسي من أشد المعجبين بالساعات الراقية. وأفتتن برؤية آلياتها المختلفة وفهم عملها، وحركاتها، وتصاميمها”. ولا شك أن طابوراً من صنّاع الساعات الفاخرة سيقفون من الآن طالبين من بنزيما أن يكون سفيراً لهم.
ورغم اقتراب جلسة التصوير السريعة من نهايتها، لم يفتر نشاط بنزيما وسحر شخصيته الكاريزمية. يقول، فيما تعلو وجهه ابتسامة رائعة ساعدت فريق التصوير على الاحتفاظ بحماسهم طوال الجلسة: “أحب الحياة وأهوى الاستمتاع بها. ويجب علينا دائماً أن نقدر ما تمنحه لنا ونشعر بالامتنان لها. ويجب ألّا نأخذ أي شيء مطلقاً باعتباره من المسلّمات. فلن نحقق أي شيء بلا محاولة، وحتى لو أخفقنا سنكون أكثر قوة مما لو لم نجرب. ولن يمنحنا أبداً التفكيرُ في الحياة من منظور ’ماذا لو..‘ القوةَ على المثابرة. ويجب ألّا نتنازل مطلقاً عن أي شيء نعلم أن بوسعنا تحقيقه لأننا لا نعرف سوى ما نجيده فقط”.
اقرؤوا أيضاً: أهم صيحات عروض الأزياء الرجاليّة لربيع 2020
