في عصر يتقارب فيه الناس عبر العالم الرقمي، لم يعد الرجال -سواء كانوا من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي أم من المستخدمين العاديين- يخجلون من عرض ملابسهم الأنيقة وذوقهم الفريد على تلك المواقع، فباتت حساباتهم مصدر إلهام لبعضهم بعض، ومتابعيهم، والعلامات الكبرى على السواء. وقد تابعنا أربعة رجال اشتهروا بالأناقة لنقدم لكم معلومات وافية عن أسلوب كل منهم..
مستنداً إلى كتف أحد أصدقائه، يرفع العارضُ سفيان البينيساطي بيلول ذراعيه في سعادة خلال حفل موسيقي مقام في الهواء الطلق. ويرتدي على جسمه النحيل قميصاً أبيض بأكمام طويلة من علامة تيغا، فيما تتدلى من رقبته سلسلة ثقيلة وتلمع الخواتم الضخمة على أصابعه. ويكتب أحد المتابعين تعليقاً أسفل هذه الصورة على انستقرام قائلاً: “أراهن أنك بارع في الرقص”، ويعلق آخر: “أنت الملك”، ليرد عليهما بيلول “أنا سلطان”. وإن تتبعت تحديثات موقع انستقرام في أي ساعة ستجد رجالاً ينشرون صوراً لأفضل الملابس التي ارتدوها خلال اليوم، وكذلك لأحذيتهم الجديدة، وحتى صور السيلفي التي تبيّن مدى عنايتهم بتشذيب أذقانهم بينما يظهر في الخلفية مشهد الصحراء الشاسعة. وهم ليسوا جميعاً من “النافذين” أو مشاهير مواقع التواصل، رغم أن معظمهم يلعب أدواراً مختلفة في عالمىّ الفن والموضة. ولكنهم يقودون حركة يتزايد عددها بين الرجال الذين لا يشعرون بالخجل من إظهار شغفهم بالموضة وأناقة المظهر. وبالتأكيد، بعضهم يتطلع للكسب منها كمهنة. وقد قدرت وكالة التسويق “ميدياكيكس” حجم الأرباح التي يحققها مشاهير موقع انستقرام بمليار دولار أمريكي، فلم لا تكون مهنة إذاً؟ خاصةً وأن علامات من بينها ديور، ولوي ڤويتون، وغوتشي غيّرت نهجها من تقديم الهدايا إلى دفع مبالغ نقدية فعلية إلى المتعاونين معها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن ليس كل مَنْ يهتم بالموضة يسعى إلى تحقيق ربح مادي؛ فمعظمهم يرغب ببساطة في التعبير عن نفسه باستخدام أحد الأساليب المتطورة. وتعقيباً على ذلك، يقول الكويتي فهد الحنيف، والذي يعمل مديراً فنياً: “أرى الرجال يحطمون القواعد والقوالب النمطية بالطريقة التي يرتدون بها الملابس هذه الأيام”.
موضوع متصل: هكذا يُحوِّل المصممُ السعودي حاتم العقيل الثوبَ التقليدي إلى زيّ عصري
وعن عادات الرجال في التسوق، تقول مي بربر، مالكة متجر ذا كارتل في دبي، والذي يعرض تصاميم علامات مثل هنريك فيبسكوف، وبيرتولد: “أعتقد أنهم نموا داخلهم مستوىً معيناً من الثقة بالنفس والأمان مكّنهم من التعبير عن أنفسهم، والذي آمل أن يلهم عدداً أكبر في المستقبل”، مضيفةً: “لقد أصبحوا أكثر رغبةً في التجربة، وتجذبهم الألوان والطبعات. كما أنهم يشترون السترات والمعاطف ليرتدوها على الكنادير، وباتوا أكثر شراءً للإكسسوارات، والجوارب الملونة، وحقائب الظهر ليبرزوا بها إطلالاتهم بأسلوب مبتكر”. ولكن ما الذي يُلهم أكثر الرجال أناقةً اليوم؟ وللإجابة عن هذا السؤال، توجهت ڤوغ العربية للرجل إلى أربعة رجال، ما بين عارض ومصمم ومدير فني ونافذ على مواقع التواصل، لاستكشاف المصادر التي يستقون منها إلهامهم هذه الآونة.
عبد الله العبد الله، مدوِّن
يقول العبد الله في فيديو نشره على مدوّنته: ستتبعوني في جولاتي خلال أسبوع الموضة في باريس، وسنقضي اليوم بكامله في التردد على تجارب القياس. أنا حقاً في غاية الحماس”. ونشاهده في الفيديو يذهب، في أول موعد له، إلى لوي ڤويتون. وحين يسأله موظف الاستقبال عن بطاقة هويته، يعرض عليه صفحته المُوثقة على انستقرام. ويقول بعدها “أهلاً بالمستقبل”.
’’أرغب في أن يشاركني الناس حياتي‘‘
ورغم أن العبد الله يبحث دوماً عن تصاميم العلامات الناشئة، إلا أنه يعترف بـ”هوسه بعلامة غوتشي”، ويشير إلى تصاميم سان لوران –لا سيما حذاء طويل الساق من جلد الثعبان– باعتبارها من أهم القطع في خزانته. ولكنه لا يشتري أبداً المنتجات الفاخرة من الإنترنت، وعن ذلك يقول: “لا أرى التجارة الإلكترونية وجهةً للمنتجات الفاخرة”. ولم يبد العبد الله اهتماماً جديّاً بحسابه على انستقرام سوى منذ ثلاث سنوات تقريباً، ويصف حسابه قائلاً: “إنه أكثر من مجرد وسيلة لجذب المتابعين. أرغب في أن يشاركني الناس حياتي، كما أنه عالم يزخر بإمكانات لا تنتهي”. ويضيف: “ما يعجبني في منطقتنا أن الرجال بدأوا الاهتمام بما هو أبعد من العلامات والأسماء الكبرى. لقد أصبح الرجال في الشرق الأوسط يبحثون عن التصاميم والجودة أكثر من العلامة ذاتها”. مشيراً إلى أن هذا الأمر لم يكن شائعاً منذ بضع سنوات. وتتوسع خزانة ملابس العبد الله باضطراد كلما وثق علاقاته بالعلامات. ومن بين أحدث القطع التي يتزايد عددها لديه الحقيبةُ التي تُحمَل على الخصر – والتي يمتلك منها 30 قطعة تقريباً.
فتى الهيبي لسنوات الألفية
سفيان البينيساطي بيلول، عارض
يتحدث سفيان البينيساطي بيلول، الممثل الإسباني ذو الأصول المغربية والعارض الذي يعمل بدوام كامل، اللغةَ العربية وإحدى اللهجات الأمازيغية بطلاقة. ويقول هذا الشاب، البالغ من العمر 21 عاماً عن أسلوبه: “أنا مهتم بإطلالات الشارع”. ويعرض حسابه على انستقرام صوراً لـ”أطفال شوارع” العصر الحديث، والذي يقصد بهم زملاءه العارضين وهم يقفون بجوار سيارات قديمة مرتدين قمصاناً داخلية بيضاء. كما يستخدم هذا الحساب للترويج لعمله – مثل حملاته الدعائية لبول آند بير وتومي هيلفيغر. أما علاماته المفضّلة فهي فيلا، ولا كوست، ولو كوك سبورتيف، وسيرجيو تاكيني. وعن عاداته في التسوق يقول: “أشتري ملابسي دائماً من المتاجر التقليدية لأنني أحب لمس المنتجات ورؤيتها بعيني. كما أتسوق كثيراً من متاجر الملابس المستعملة”. ومن الإكسسوارات التي لا يستغني عنها الخواتم والقلائد. وعن مجوعته من الإكسسوارات السميكة والفضية يقول: “أكاد لا أستطيع الخروج دونها تقريباً”. ولكن لا تتوقعوا أن تروا ساعة تزين معصمه، ففي ذلك يقول: “أكره الشعور بمرور الوقت”. ولا عجب في أن يكون لوح التزلّج على الأمواج من الأشياء التي يعتزم شراءها.
عندما يجتمع الطموح بالأناقة
فهد الحنيف، مدير فني
يكشف فهد الحنيف، المدير الفني والمصمم الغرافيكي الذي يعيش بين الكويت ونيويورك، أن ميزون مارجيلا، وفريدريك مال، ويانغ لي، وكوندي ناست من عملائه. ويعدّ حسابه على انستقرام جداراً أنيقاً يعرض صوراً له سواء داخل أو على خلفية ذات ألوان حيادية إلى جانب الكثير من الألوان المشرقة – منها اللون الليموني الذي يعتبره لونه المفضل. ويجذبه المصممون الذين يتمتعون بـ”تمثيل خاص” وهوية مميزة، ويختار ملابسه من بالنسياغا وفيتمان، ومارجيلا، وواي-بروجيكت، ومتاجر الملابس القديمة. وعن ذلك يقول: “أحب اقتناص الصفقات الجيدة”، مشيراً إلى الجوارب، والسلاسل، وحقائب الظهر كإكسسوارات مهمة له. وهو يعتبر بنطلون الدراجات النارية بي إم إكس أفضل مقتنياته. وكان فهد قد أطلق حسابه على انستقرام أواخر عام 2011، ويقول: “كان المرء حينها يُعد من “مشاهير انستقرام” إن كان يملك عشرة متابعين. وقد نال ذوقي الإعجاب، ما جعلني أنشر مزيداً من الصور لملابسي”. وقد غيّر انتقاله للإقامة في نيويورك من اتجاهاته ورؤيته. ويقول: “أصبح التقاط الصور هواية يومية وتلقائية. وبات هدفي في النهاية إلهام الرجال الآخرين وحثهم للتعبير عن أنفسهم، وامتلاك منصة لمشاركة أعمالي بإبداع”.
’’هدفي في النهاية امتلاك منصّة أنشر عليها أعمالي بإبداع‘‘
أناقة لا تنقصها الجرأة
فهد المرزوق، مصمم
يعمل فهد المرزوق، مع شقيقته شوق، في معرضه بباريس الذي يقدم من خلاله أحدث تشكيلات الحقائب التي يصممها لعلامتهما مرزوق. وتتسع عيناه وهو يقول: “سألني أحدهم مؤخراً إن كنت شعرت بالتعب. بصراحة، لو لم أكن أمارس هذا العمل، لشعرت بملل شديد. فنحن نحب علمنا للغاية”. وهو لا يشير هنا إلى مجموعاته من الإكسسوارات فحسب، بل إلى مجال الموضة عموماً. وقد نجح في وضع بصماته الشخصية على هذه الصناعة التي تصقل إبداعه. وعن أسلوبه في الأناقة يقول: “أحب ارتداء الملابس السوداء بالكامل مع إضافة قطعة واحدة فريدة ومميزة، مثل معطف أو حذاء رائع”. ويعتبر فهد لندن مدينته المفضلة ووطنه الثاني، رغم إقامته في الكويت، وسفره الدائم إلى لبنان للإشراف على إنتاج مجموعاته. ويوضح: “إنها المدينة التي ولدت فيها والمكان الذي أشعر فيه بالراحة والرغبة في التأنق كما أشاء”. ويشير إلى سان لوران كعلامته المفضلة، مضيفاً: “أنا أيضاً أصمم معظم ملابسي وأصنعها”. ولا يستغني فهد المرزوق عن النظارات السوداء ليُكمل بها أناقته ويبحث حالياً عن معطف مطري خفيف من جلد التمساح. ولا يرتدي هذا المصمم الناجح ساعة في الغالب لأنه يفضل “الحجر الضخم”، ويقول: “المجوهرات مهمة لي دائماً”. ويجب أن تكون راقية وأنيقة – وطبعاً “دونما بهرجة أبداً أو تكلف”.
’’لا توجد قواعد يتعين اتباعها، والثقة أساس كل شيء‘‘
هذا ما حصل مع لاعبي كرة القدم السعوديين الذين أُرسِلوا إلى إسبانيا