Follow Vogue Man Arabia

تعرفوا إلى فارس ’الدريساج‘ الإماراتي الذي يحلم بتمثيل بلاده في الأولمبياد

الصورة: آنيك جاسمين ڤان شايك

“هل تعرف ما هي رياضة ’الدريساج‘؟”، كان هذا السؤال كفيلاً بتغيير دفّة حياة فارس الدريساج الإماراتي محمد جاسم السركال إلى الأبد، وبالتحديد حينما طرحه مدربه عليه وهو في سن الـ13. وعلى الرغم من أن هذا الشاب الإماراتي بدأ ممارسة رياضة ركوب الخيل منذ أن حضر درساً للفروسية مع ابن عمه وهو في التاسعة من عمره، حيث تعلق بالخيول من حينها، إلا أنه لم يسمع قط عن رياضة الدريساج – فلم يكن يعرف سوى رياضة قفز الحواجز التي كان يرى أنها لا تناسبه. ولكن ما لبث شعوره بالرغبة في تغيير الرياضة التي يمارسها بعدما عمد إلى ممارسة الدريساج. يقول: “أخيراً، شعرت بأني في مكاني الصحيح وأني أمارس الرياضة التي أحبها بتحقيق مستوى فائق من التواصل مع الحصان – مقدماً له الدعم الكامل لعقله وجسمه”.

و’دريساج‘ هي كلمة فرنسية الأصل تعني “ترويض” [تقوم هذه الرياضة على ترويض الخيول] وهي رياضة تتطلب دقة وسيطرة كاملتين – حيث تعتمد على الانسجام الفائق بين الحصان وفارسه، بحيث يؤدي الحصان مجموعة من الحركات المتفق عليها مسبقاً بأقل تعليمات من فارسه. وفي أداء أشبه بحركات الباليه الأنيقة، يقوم الحصان بالدوران على الكفل (وهو ما يعرف في الدريساج باسم ’بيرويت‘)، بالإضافة إلى أداء حركات التروت والوقفات والكانتر، وذلك بإشارة ناعمة من قدم الفارس أو يديه أو بتغيير حمل وزنه. “تقوم هذه الرياضة في الأساس على قوة تواصل الفارس مع الحصان باستخدام لغة الجسم بحيث تجد المفاتيح الصحيحة التي تدفع الحصان لأداء حركات معينة، وأيضاً يتخذ تواصلنا شكلاً أكثر وضوحاً واتساقاً”، هكذا أوضح السركال، مضيفاً: “ما أن أمتطي صهوة حصاني، أشعر بأني أستطيع أن أوصّل له كل ما أريد بتربيتة أو لمسة على لجامي. لقد تمكنت من ترسيخ علاقتي بخيولي حتى أنهم يعرفون ما أريد قبل أن أطلبه منهم”.

الصورة: آنيك جاسمين ڤان شايك

وتعتبر مدرسة الفروسية الإسبانية في ڤيينا من أبرز الأمثلة على أكاديميات ممارسة الدريساج، حيث تقدم خيول الليبيزانر البيضاء أجمل العروض وأميزها أمام الضيوف، لدرجة أن المشاهد يقف مشدوهاً من توافق الخيول وتناسق حركاتها التي تدل على مستوى عال من التدريب وسط قاعات قصر هوفبورغ التي تمتاز بفنون العمارة الفخمة على الطراز الباروكي. هذا ويأمل السركال تمثيل دولة الإمارات في أوروبا، إلا أن طموحه لا يقف عند هذا الحد، حيث يضع نصب عينيه أيضاً خوض مرحلة أكبر بكثير ألا وهي الأولمبياد. وعلى الرغم من أن مسابقة الدريساج الفردية قد عرفت طريقها إلى الأولمبياد منذ عام 1912، لم يحرز أي لاعب عربي حتى الآن الميدالية الذهبية على الصعيد العالمي. ولهذا، يخطط السركال لتغيير هذا الواقع. يقول: “لا أريد المشاركة في بعض المسابقات فحسب، وإنما أسعى أيضاً لأن أمثّل زملائي العرب على المنصات الرئيسية، مثل كأس العالم، وبطولة العالم للفروسية التي ينظمها الاتحاد الدولي للفروسية، وأخيراً الأولمبياد”.

وللأسف، من بين كل ممارسي رياضة الفروسية داخل دولة الإمارات، لا يشارك الكثيرون في مسابقات الدريساج. فبينما يستحوذ استعراض قفزات الخيول وقوة تحملها على قدر كبير من الاهتمام، فإن معظم الرياضيين العرب يمارسون رياضة الدريساج كهواية ليس إلا، على حد قول السركال. ولكن لم يقف ذلك في طريق شغفه وأهدافه، كما لم يؤثر على الفرسان من أجيال المستقبل. ويروي السركال: “تحدثت إليّ مؤخراً والدة طفل صغير عبر انستقرام، وأخبرتني أن ابنها يتبع خطوات رحلتي، وأنه مبهور من إنجازاتي. وقد أحب الدريساج كثيراً لدرجة أنه طلب من والدته أن يلتحق بصفوف تعليم هذه الرياضة وبالفعل شارك في أول مسابقة له –والتي كنت عضواً في لجنة التحكيم بها– واستطاع أن ينتزع المركز الرابع في أول مشاركة له. جاء الولد إليّ حينها وقال لي إنه يريد أن يكون مثلي في يوم من الأيام”، وأضاف: “هذا ما أحب أن أفعله، وإذا استطعت التأثير في جيل الشباب بحيث يتعلقون بالرياضة مثلي، فسوف نلمس تغييراً كبيراً خلال السنوات القادمة”.

وللدفع بهذا التغيير قدماً، يحمل السركال على عاتقه مهمة رفع الوعي وزيادة الموارد وإقامة البطولات المحلية حتى تصبح رياضة الدريساج جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الإماراتية، شأنها في ذلك شأن الفروسية عموماً. وماذا ستكون أولى خطواته في هذا الاتجاه؟ ستتمثّل في تشكيل فريق إماراتي للمشاركة في دورة الألعاب الآسيوية 2022. وعلى الرغم من عدم توافر عدد كاف من الفرسان المدربين لتشكيل فريق في الآونة الحالية، فهناك زيادة تدريجية نشهدها في أعداد هؤلاء، بحسب السركال، وبالحصول على الدعم الكافي سواء من جانب الحكومة أو القطاع الخاص، يمكن القول إن الفرصة ستغدو سانحة لأن نحقق شيئاً ذا شأن عظيم في هذا الصدد. “أريد أن أنشيء مؤسسة للدريساج تتخذ من الإمارات مقراً لها ويمكنني من خلالها تعريف الناس بالدريساج وإظهار مهارات فرساننا من داخل دولة الإمارات أمام العالم كله”.

الصورة: آنيك جاسمين ڤان شايك

اقرؤوا أيضاً: 5 دروس نتعلمها من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع