ثمّة مصطلح شائع يفرض نفسه على قطاع الموضة، ألا وهو “الأزياء الريادية” (يشار إليها بكلمة لاتينية تُلفَظ ’أڤانت غارد‘، وتعني الجاذبية المفعمة بالتألّق. وهذا المصطلح بالنسبة لعالم الموضة يعتبر المكافئ المقابلَ للكاڤيار في عالم الطعام والمأكولات). ورغم وجاهته، لا يقترن ذلك المصطلح عادةً بعلامات الأزياء الرجالية، بل لا يردده عشَّاق الأناقة من سكان المنطقة. فمن الوارد جداً أن نقرأ مثلاً عن تصنيف إحدى بذلات توم فورد الكلاسيكية ضمن قائمة أفضل الإطلالات الرجالية، بينما لا يحدث الأمر ذاته مع إطلالة مؤلّفة من معطف كلاسيكي من مارجيلا مع بنطلون مطرَّز من غوتشي.
وبالرغم من تقدُّمنا الخجول بعض الشيء في قطاع الموضة هذا على وجه التحديد، بات الرجال في منطقة الخليج الآن يتجاوزون حدود الأناقة التقليدية؛ فما أن تلقي نظرةً من حولك ستلاحظ أن رجال الأعمال يرفقون بذلاتهم الرسمية الملساء بحقائب الظهر ثرية الترصيع “إكسبلورافُنك” من كريستيان لوبوتان، في حين يرتدي آخرون بناطيل مجعَّدة من إيسي مياكي خلال عطلات نهاية الأسبوع في محاولة منهم للابتعاد عن بناطيل الفانيلا التقليدية والتيشيرتات البيضاء مع الدينم التي كانت رائجةً العام الماضي. ولكن، كيف يُنظر إلى مصطلح ’أڤانت غارد‘؟
“’أڤانت غارد‘ يعني بالنسبة لي التجريب – أعتقد أنه أيضاً مفهوم شخصي ويمكن أن يحمل معانٍ مختلفة لأشخاص مختلفين. بالنسبة لي هو مصطلح يرتكز إلى التصميم وليس مجرد حيلة للفت الانتباه، والتي أعتقد أن الكثير من الناس يفترضون أنها كذلك”، هذا ما قاله فراس الوهابي، المؤسِّس والمدير العام لشركة العلاقات العامة الإبداعية فو كونسلتنسي.
ولعلَّ كلمة “حيلة” هنا تمثّل أكبر العوائق التي أصابتنا بالإحباط على طريق تقدمناً في عالم الأناقة؛ فعلى المستوى العالمي، تنبَّه الرجال إلى طريقة التفكير الجديدة هذه التي لا تستهجن اهتمامهم بأناقتهم الشخصية أو الطريقة التي يختارون بها التعبير عن تلك الأناقة.
تمتلك دولة الإمارات إرثاً ثقافياً هائلاً، إلَّا أنَّ تحقيق التوازن بين الجرأة في الأناقة واحترام الثقافة السائدة يمكن أن يكون أمراً بعيد المنال في معظم الأوقات. ولكن في بعض الحالات، أدّى ما يمكن اعتباره عائقاً مجتمعياً إلى شكلٍ فريدٍ نوعاً ما من أشكال التعبير عن النفس؛ شكلٍ أفسح -لدى استكشافه- المجالَ لتعزيز أسلوب الأناقة أمام مَن يهتم بتفاصيل مظهره بدرجة فائقة.
هذا الجيل الجديد من قاطني الشرق الأوسط يدركون تماماً الفرق بين أحذية كلاودبست الرياضية من برادا للموسم الجديد وأحذية ريس رانرز من بالنسياغا، وهم لا يخشون الاستعانة بنعالٍ غير متطابقة من جيڤنشي أو ارتداء سترات بالمان الشبكية المطعَّمة بالكريستال. وهناك فهمٌ عميقٌ واحترامٌ لإرث البلاد، يرافقهما رغبةٌ باحتلال صدارة مشهد التطوّر العالمي المتسارع.
إطلاق مجموعة ’مستر بورتر‘ لربيع وصيف 2018
أحمد السيد -المؤسِّس المشارك والمصمم الإبداعي لعلامة هاوس أوف نوماد، والذي كانت أكثرُ لحظةٍ ريادية له في عالم الموضة حينما ارتدى سترة ثراشر مصنوعة من جلد البقر من علامة ڤيڤيان ويستوود- يقول إن هذا الاحترام للثقافة والتقاليد هو ما يساعد على تطوّر حس الأناقة لدينا. ويضيف: “ضربت الإمارات العربية المتحدة مثلاً عظيماً لهذه المنطقة من ناحية قدرة المرء على التعبير عن أسلوبه الشخصي في الأناقة دون مواجهة أية مشاكل”.
وتدحض كلمات السيد تلك الصور النمطية عن الإمارات، وعوضاً عن ذلك يصرُّ أنَّ هناك مجالاً لكلِّ أنواع التعبير هنا، طالما أنها محترمة. كما يذكر المصمم أيضاً إحدى أكثر البذلات رياديةً والتي رآها على زميلٍ له، وهي بذلة من ثلاث قطع بالأصفر الكناري بالكامل تخللتها لمسات بالأزرق البحري.
جيمي تشو تطلق مجموعة نظارات شمسية رجالية جديدة
ومع اقتراب موعد إقامة معرض إكسبو 2020، لا تركز الإمارات على مساهماتها البارزة والموثَّقة جيداً في عالم الهندسة المعمارية والسفر إلى الفضاء فحسب، بل إنها وبخطىً متروية تعيد تعريف المعنى الذي ينطوي عليه العالم العربي في العصر الحديث؛ في نهجها نحو الموضة والفنون والتصميم تحديداً. ويعدّ تغيُّر المفاهيم في عالم الأزياء الرجالية التي تنطوي على قيم خاصة مثالاً رائعاً على هذه الموجة التطورية، ونتيجةً لذلك ينتظر المنطقةَ مستقبلٌ زاهرٌ يجب أن تتطلع إليه هذه الصناعة فضلاً عن اختباره.